
لم أكن قد زرتها من قبل، ولكن ما أن قمت بذلك قبل أكثر من ثلاثين سنة، حتى وجدتني أقعُ في غرامها.
بالضبط كما حصل معي عندما اخترت إحدى بناتها لتكون أما لأولادي أثناء دراستنا في أمريكا
لذا، ففي كل مرة نزور فيها إيران، تنطلق شريكتي في رحلة العمر وهي تشير إلى هذا المكان أوذاك، وتحّدثني عن ذكريات طفولتها وبداية شبابها، فأرى في عينيها بريقاً، وفي نبرتها ألحاناً، وفي روحها صفاءً وانسجاماً قلمّا ألاحظهم عليها

ولا أجد ذلك التحّول الذي يطرأ عليها في كل مرةٍ نزور بها إيران غريباً، فهي إبنة تلك البلاد، ومن الطبيعي أن تتفتح كالزهرة النادرة التي عادت لتربتها بعد أن شاءت الظروف أن تنتزعها منها

لكن ما يدهشني هو استمتاعي المطلق واللامحدود ونحن هناك. فهل هو بسبب ما أراه من حبور على وجه رفيقتي، أم هو من الطبيعة الخلابة المتغيرة دائماًً حسب فصول السنة؟







الحق ، أنه مزيج من تلك العوامل مجتمعة.
فأنا، مثل أغلب مواطني دول الخليج، قد استمتعت بزيارة بلاد كثيرة، لكن يبقى لإيران طعم خاص يجعلني أشتاق للعودة إليها كلما سنحت لي الفرصة، فهي بلاد شاسعة تتكون من ثلاثون إقليما، وكل إقليم له طبيعته الخاصة المختلفة تماماً عن سائر الأقاليم. ومع أنني لم أتمكن إلى الآن من زيارة العديد من مدنها وقراها، إلا أنني في طور التخطيط لرحلة طويلة أغطي بها عدداً منها في المستقبل القريب


لقد مرت بلاد فارس على مدى تاريخها بأحداث جسام ، لكنها ظلت تنجب العلماء والفلاسفة والشعراء أمثال فردوسي والخيّام وسعدي وجلال الدين رومي وحافظ .
وما الظروف العصيبة التي تمر بها جارتنا هذه الأيام إلا بداية لاستقرار قادم لا محالة، فلا تستحق إيران، بلد الحب والفن والجمال، إلا السلام والازدهار على أرضها والأمن والرخاء لشعبها